شهدت المملكة العربية السعودية ارتفاعًا استثنائيًا في حملات استدعاء السيارات خلال العام الماضي، حيث قفز عدد المركبات التي تم استدعاؤها بسبب العيوب التصنيعية إلى 311 ألف سيارة، مقارنة بـ 12 ألف سيارة فقط في عام 2023، مما يمثل زيادة ضخمة بنسبة 2477%، وفقًا لبيان رسمي صادر عن وزارة التجارة السعودية.
أبرز العيوب التصنيعية التي أدت إلى الاستدعاءات
أوضحت وزارة التجارة السعودية أن العيوب التصنيعية التي استدعت هذه الزيادة الكبيرة في أعداد السيارات المسترجعة شملت، مشكلات في نظام المكابح، والتي تؤثر على قدرة المركبة على التوقف الآمن، مما يزيد من مخاطر الحوادث، أعطال في محركات السيارات، والتي قد تؤدي إلى توقف المحرك أثناء القيادة أو فقدان الأداء الأمثل.
أيضاً نسبة كبيرة من الاستدعاءات جاء بسبب خلل في الوسائد الهوائية Airbags، ما قد يمنعها من الانتفاخ بشكل صحيح أثناء الحوادث، مما يقلل من مستوى الأمان للسائق والركاب.
هذه المشكلات لم تقتصر فقط على السيارات التقليدية، بل امتدت لتشمل المركبات الكهربائية، والتي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد السيارات المستدعاة بنسبة 540.7% خلال العام الماضي، حيث تم استدعاء 897 سيارة كهربائية مقارنة بـ 140 سيارة فقط في عام 2023، لتشكل بذلك 0.29% من إجمالي السيارات التي شملتها الاستدعاءات.
ما وراء الأرقام.. لماذا ارتفعت حالات الاستدعاء بهذا الشكل الكبير؟
يرجع هذا الارتفاع غير المسبوق في حملات الاستدعاء إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها تحسن أنظمة الرقابة والجودة في السعودية، حيث عززت المملكة خلال السنوات الأخيرة من أنظمة الرقابة على جودة المركبات، ورفعت معايير السلامة، ما أدى إلى رصد عدد أكبر من العيوب التصنيعية مقارنة بالسنوات السابقة.
أيضاً بسبب التزام الشركات المصنعة بمعايير السلامة الدولية، مع زيادة الضغوط الدولية على شركات السيارات الكبرى لضمان سلامة المنتجات، أصبحت الشركات أكثر شفافية في عمليات الاستدعاء، مما أدى إلى ارتفاع عدد المركبات المشمولة بهذه الحملات.
التطور التكنولوجي في صناعة السيارات، أيضاً كان عاماً مساهماً، فمع تعقيد الأنظمة الحديثة في السيارات، خصوصًا مع دمج التقنيات الكهربائية وأنظمة القيادة الذاتية، زادت احتمالية حدوث أعطال تقنية أو برمجية، مما دفع الشركات إلى استدعاء المركبات فور اكتشاف أي خلل محتمل.
النمو المتسارع في سوق السيارات السعودي، حيث شهدت السعودية نموًا كبيرًا في حجم واردات السيارات خلال السنوات الماضية، ما أدى إلى زيادة أعداد المركبات المبيعة، وبالتالي ارتفاع عدد الاستدعاءات المحتملة في حال وجود عيوب تصنيعية.
المركبات الكهربائية تحت المجهر.. هل تواجه تحديات جديدة؟
في ظل التحول العالمي نحو المركبات الكهربائية، لفت التقرير الصادر عن وزارة التجارة السعودية الانتباه إلى ارتفاع نسبة الاستدعاءات لهذه الفئة من السيارات بشكل خاص، وهو ما يعكس بعض التحديات التقنية التي لا تزال تواجه هذا القطاع، بما في ذلك، مشاكل في البطاريات، قد تؤدي بعض العيوب التصنيعية إلى ارتفاع حرارة البطارية أو فقدان الطاقة بشكل غير متوقع.
أيضاً أعطال برمجية في أنظمة القيادة، مثل أخطاء في نظام التحكم الذكي قد تؤثر على أداء السيارة أو تضعف ميزات الأمان.
كما أدي عامل نقص الخبرة في صيانة هذه السيارات،خاصة وأن السيارات الكهربائية تقنية جديدة نسبيًا، لا يزال هناك تحديات تتعلق بصيانتها وكشف العيوب مبكرًا.
السعودية تتجه نحو توطين صناعة السيارات وتعزيز الاستثمارات
على الرغم من التحديات المرتبطة بجودة السيارات المستوردة، تواصل السعودية تنفيذ رؤيتها الاستراتيجية لتوطين قطاع السيارات، حيث تعمل على جذب استثمارات ضخمة لتأسيس مصانع تجميع وإنتاج محلية، مما يهدف إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، تتمثل في تقليل الاعتماد على السيارات المستوردة عبر تشجيع الإنتاج المحلي، رفع معايير التصنيع والجودة لضمان توافق السيارات مع احتياجات السوق السعودي، تعزيز الاقتصاد وخلق فرص عمل عبر استقطاب شركات عالمية لإنشاء مصانعها داخل المملكة.
من بين الجهود التي اتخذتها المملكة مؤخرًا، إبرام شراكات مع شركات عالمية في قطاع السيارات، إلى جانب السماح للشركات المحلية بالدخول في استثمارات مشتركة مع كبرى الشركات المصنعة، مثل لوسيد موتورز Lucid Motors، والتي أعلنت عن بدء إنشاء أول مصنع لها في السعودية.
توقعات بزيادة واردات السيارات بعد السماح بالاستيراد الفردي
في خطوة أخرى من شأنها أن تؤثر على سوق السيارات السعودي، أعلنت الحكومة السعودية السماح للأفراد باستيراد سياراتهم الشخصية عبر المنافذ الجمركية البرية والبحرية ذاتيًا، مما سيؤدي إلى زيادة حجم الواردات السنوية من السيارات، خصوصًا من الأسواق الأوروبية والأمريكية، تنوع العلامات التجارية المتاحة للمستهلكين، توفير سيارات بمواصفات مختلفة قد لا تكون متاحة لدى الوكلاء المحليين.