أثار الاتفاق التجاري الجديد الذي تم الإعلان عنه اليوم الجمعة الموافق 9 مايو 2025 بين أمريكا والمملكة المتحدة، موجة من الانتقادات الحادة من داخل أروقة صناعة السيارات الأمريكية، بعد الكشف عن تخفيض كبير في الرسوم الجمركية على السيارات البريطانية المستوردة إلى السوق الأمريكية.
وجاء الاتفاق بعد مباحثات قادها كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب Donald Trump ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر Keir Starmer، حيث تم الإعلان عن خفض الرسوم الجمركية المفروضة على 100 ألف سيارة مصنوعة في المملكة المتحدة يتم تصديرها إلى الولايات المتحدة من 25% إلى 10%، وهو ما وصفه مسؤولو البلدين بأنه خطوة نحو توثيق العلاقات التجارية بين الحليفين التقليديين.
انتقادات من كبار مصنعي السيارات الأمريكيين
لكن هذا الإعلان لم يمر دون رد فعل قوي من المجلس الأمريكي بشأن سياسة السيارات American Automotive Policy Council، وهو كيان يمثل “العمالقة الثلاثة” لصناعة السيارات الأمريكية، وهي شركة فورد موتور Ford Motor Company، وشركة جنرال موتورز General Motors، وشركة ستيلانتس أمريكا الشمالية .Stellantis North America
وقد حذر المجلس من أن الاتفاق يمنح صانعي السيارات البريطانيين “أفضلية تنافسية غير عادلة” على نظرائهم الأمريكيين، لا سيما في ظل استمرار التكاليف الجمركية المرتفعة على بعض الواردات الحيوية التي تعتمد عليها الصناعة المحلية، مؤكدًا أن هذه الخطوة قد تُضعف من قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة في السوق المحلي والعالمي.
الأثر المحتمل على العمالة وسلاسل التوريد
يأتي هذا الجدل في وقت تشهد فيه الصناعة الأمريكية تحولات عميقة، حيث تعتمد الشركات الكبرى بشكل متزايد على سلاسل التوريد الممتدة إلى كندا والمكسيك، بموجب اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الثلاث المعروفة باسم USMCA -اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك وكندا. وتُعفى بموجب هذه الاتفاقية العديد من أجزاء السيارات من الرسوم الجمركية، غير أن تقارير حديثة تشير إلى أن هذه الإعفاءات مرشحة للتراجع التدريجي خلال السنوات المقبلة.
في هذا السياق، أعربت رابطة السيارات الأمريكية American Automobile Association – AAA عن قلقها من أن يجعل الاتفاق الجديد استيراد السيارات البريطانية، مثل تلك التي تنتجها رولز رويس Rolls-Royce، وبنتلي Bentley، وجاجوار لاند روفر Jaguar Land Rover، أرخص من استيراد سيارات مكسيكية أو كندية تحتوي على نسبة عالية من المكونات الأمريكية.
وذكرت الرابطة أن هذا الفارق في التكلفة يمكن أن يتسبب في إضعاف الشركات الأمريكية أمام منافسيها الدوليين، ويُلحق الضرر بسلسلة الإمداد الصناعية والعمالة المحلية على حد سواء.
وزارة التجارة الأمريكية: “التأثير محدود ولكن رمزي“
من جهته، قلل وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك Howard Lutnick من أهمية القلق المثار، مؤكدًا أن السيارات البريطانية التي ستستفيد من التخفيض الجمركي لا تتجاوز 100 ألف مركبة سنويًا، وهو ما يمثل “نسبة صغيرة نسبيًا” من حجم سوق السيارات في الولايات المتحدة.
وقال لوتنيك في بيان رسمي: “رغم أن الكمية تبدو محدودة من حيث الأرقام، إلا أن الأثر رمزي ومهم، خاصة بالنسبة للعلامات التجارية الفاخرة البريطانية، التي لطالما كانت مفضّلة لدى شريحة من المستهلكين الأمريكيين”.