أصدر برنامج التقييم الأوروبي للسيارات الجديدة Euro NCAP تقريره الأحدث الذي أثار من جديد الجدل حول ما يُعرف بمصطلح تضخم السيارات Car Bloat، وهي الظاهرة التي تشير إلى الزيادة التدريجية في أوزان وأحجام السيارات الحديثة، وما يصاحبها من آثار سلبية على السلامة البيئية والبشرية.
التقرير جاء مدعومًا بنتائج اختبارات التصادم الأمامية الجانبية المعروفة باسم Mobile Progressive Deformable Barrier -MPDB، وهي اختبارات تُنفذ حصريًا في أوروبا، حيث تم تسليط الضوء على عدد من الطرازات الحديثة التي أظهرت نتائج مقلقة من حيث توافقها مع المركبات الأخرى في الحوادث الأمامية.
طرازات Audi وVolkswagen في مرمى الانتقاد بسبب “ضعف التوافق“
من أبرز النتائج التي كشف عنها التقرير، كانت تقييمات كل من أودي Audi Q5 و فولكس فاجن تايرون Volkswagen Tayron، وهما طرازان ينتميان إلى فئة السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات SUV المتوسطة الحجم، حيث حصل كلاهما على عقوبات نتيجة ضعف التوافق Poor Compatibility مع المركبات الأخرى في حالة الاصطدام وجهاً لوجه. ويُقصد بالتوافق هنا قدرة السيارة على امتصاص وتوزيع الطاقة خلال التصادم بطريقة تقلل من الضرر الواقع على الطرف الآخر، سواء كان مركبة صغيرة أو أحد مستخدمي الطريق المعرضين للخطر مثل المشاة وراكبي الدراجات.
ارتفاع مستمر في أوزان السيارات .. SUV والكهرباء في دائرة الاتهام
يشير التقرير إلى وجود اتجاه واضح نحو زيادة أوزان السيارات المشاركة في اختبارات Euro NCAP، حيث كشفت البيانات أن متوسط وزن السيارة المباعة في أوروبا خلال السنوات العشر الماضية قد ارتفع بمقدار 100 كجم. ويعود هذا الارتفاع في المقام الأول إلى الطلب المتزايد على سيارات SUV، والتي باتت تمثل ما نسبته 54% من مبيعات السيارات الجديدة في أوروبا خلال عام 2024، و33% في المملكة المتحدة. كما يُسهم التحول نحو السيارات الكهربائية في رفع الأوزان الكلية نظرًا لحجم البطاريات. هذه الزيادة في الحجم والوزن، التي تُعرف اصطلاحًا بـ”تضخم السيارات”، أصبحت محل نقاش واسع لما تحمله من تداعيات على سلامة المركبات الأخرى والبصمة الكربونية والتنقل الحضري المستدام.
نماذج أخرى واجهت العقوبات بسبب ضعف التوافق
لم تكن أودي وفولكس فاجن وحدهما في دائرة الانتقاد؛ فقد أظهرت نتائج سابقة لاختبارات MPDB أن طرازات مثل BMW iX، و لاند روفر ديفندر Land Rover Defender، و نيو NIO ES8، وبولستار Polestar 2 قد حصلت جميعًا على أقصى عقوبة بسبب ضعف التوافق. كما تم خصم نقاط من طرازات أخرى مثل ألفا روميو تونالي Alfa RomeoTonale ، الفئة الثانية من BMW كوبيه 2 Series Coupe، وجينيسيس Genesis GV80 للسبب ذاته.
نماذج إيجابية تُثبت إمكانية التوافق رغم الحجم الكبير
على الجانب الآخر، أشار التقرير إلى أمثلة ناجحة لمركبات كبيرة الحجم أثبتت إمكانية تحقيق توافق جيد مع غيرها، مثل طرازات مازدا CX-60 Mazda ، و مازدا Mazda CX-80، حيث أظهرت نتائج الاختبار أن الشركة اليابانية بذلت جهودًا هندسية واضحة في تصميم هياكل أمامية قادرة على امتصاص الطاقة وتوزيعها بفعالية، مما يقلل من خطورة السيارة في الحوادث الأمامية.
سيارات قوية في الحماية رغم العقوبات
وعلى الرغم من فرض العقوبات على أودي Q5 و فولكس فاجن تايرون بسبب ضعف التوافق، إلا أن كلا السيارتين قدمتا أداءً متميزًا في باقي اختبارات Euro NCAP، مما مكنهما من الحصول على التقييم الأعلى بخمس نجوم. ويؤكد هذا أن ضعف التوافق لا يعني بالضرورة أن السيارة غير آمنة، بل هو مؤشر جزئي ضمن منظومة تقييم شاملة.
دعوة إلى الصناعة لتصميم أكثر توافقًا وسلامة
وفي تعليقه على التقرير، قال ريتشارد شرام Richard Schram، المدير الفني في Euro NCAP: “من الضروري كمجتمع أن نواصل السعي نحو تحقيق رؤية صفر حوادث – Vision Zero. ندعو قطاع صناعة السيارات إلى تحسين توافق مركباتهم المستقبلية في حوادث التصادم، ونؤمن أن اختباراتنا تُسهم في توجيه الشركات نحو تصميم سيارات قادرة على حماية الركاب والسائقين والمستخدمين الضعفاء للطريق على حد سواء. سنواصل مراقبة التطورات في السوق وتحديث نظام التقييم بما يتماشى مع ذلك”.
تحديات تقنية ومسؤوليات مجتمعية
يمثل تقرير Euro NCAP الأخير دعوة واضحة للمصنعين وصناع القرار والجمهور على حد سواء، لإعادة التفكير في العلاقة بين التصميم، والسلامة، والاستدامة. فمع زيادة أوزان السيارات واستمرار جنون SUV، تتعاظم التحديات المتعلقة بالتوافق والسلامة البيئية.
