نجحت شركة فينوس أيروسبيس Venus Aerospace، وهي شركة ناشئة مقرها في هيوستن بولاية تكساس الأمريكية، في إجراء أول اختبار جوي لمحرك ثوري من نوعه قد يُحدث تحولًا جذريًا في مفهوم السفر الجوي.-طيران– يحمل هذا المحرك اسم VDR2، ويعتمد على تقنية “الاحتراق الدوّار المتواصل” Rotating Detonation Rocket Engine، والتي تُعد نقلة علمية كانت حتى وقت قريب تُصنف في خانة الخيال العلمي.
الإنجاز جاء بعد خمسة أعوام من العمل قادته مؤسسة الشركة سارة داغلباي Sarah Duggleby وزوجها أندرو داغلباي Andrew Duggleby، اللذان تخليا عن وظيفتيهما ليتفرغا لمشروع بدا مستحيلًا في نظر كثيرين. وقد نجحت الشركة في اختبار نموذج أولي طوله 12 قدمًا خلال رحلة طيران قصيرة استمرت سبع ثوانٍ في ولاية نيومكسيكو، إلا أن تلك الثواني المعدودة أكدت فاعلية التصميم تحت ظروف طيران شديدة القسوة، حيث تعرض المحرك لقوة تسارع تعادل أربعة أضعاف الجاذبية الأرضية.
ابتكار يجمع بين قوة الصواريخ ومرونة الطائرات النفاثة
يتميز محرك VDR2 بغياب الأجزاء المتحركة، ويعمل عبر انفجارات متواصلة تدور داخل أسطوانة مغلقة لتوليد قوة الدفع. ويمكن تشغيله من مدرجات المطارات العادية دون الحاجة إلى منصات إطلاق صاروخية. وتهدف الشركة إلى تركيب هذا المحرك في طائرتها المرتقبة Stargazer M4، التي ستنقل 12 راكبًا بسرعات تصل إلى ماخ 6، أي نحو ثلاثة أضعاف سرعة الطائرة كونكورد Concorde التي لم تتجاوز سرعتها ماخ 2 واحتاجت إلى ثلاث ساعات ونصف لعبور المحيط الأطلسي من نيويورك إلى باريس.
هذا التقدم التكنولوجي لا يقتصر على تقليص مدة الرحلة إلى 55 دقيقة فقط، بل يمتد ليشمل كفاءة غير مسبوقة في استهلاك الوقود، حيث يحتاج هذا المحرك إلى وقود أقل بنسبة 23% مقارنة بالمحركات التقليدية، مما يمهد الطريق لخفض تكاليف الإطلاق الفضائي وزيادة معدلات الرحلات.
آفاق دفاعية وتجارية
تجاوزت نتائج الاختبارات حدود الطيران التجاري، إذ أبدت مؤسسات دفاعية أمريكية اهتمامًا متزايدًا بتقنية الطيران الأسرع من الصوت، خاصة مع إمكانية توظيف هذا النوع من المحركات في المجال العسكري. وتؤكد الشركة أن الدعم المالي والتقني الذي تتلقاه من مؤسسات كبرى في مجال التكنولوجيا وصناعة الطيران يُعد مؤشرًا قويًا على اقتراب تحول هذه الفكرة إلى واقع ملموس خلال العقد المقبل.
ابتكارات موازية على الساحة العالمية ..من تكنولوجيا جلد القرش إلى الطيران الصامت
وفي حين تواصل فينوس أيروسبيس لتقديم ثورة في التنقل، تشهد الساحة العالمية سباقًا لإعادة إحياء حلم الطيران الأسرع من الصوت. ففي ولاية كولورادو، تعمل شركة بوم سوبرسونيك Boom Supersonic على تطوير طائرة تحمل اسم Overture مكسوة بمواد مستوحاة من جلد سمك القرش، طوّرتها شركة أسترالية تُدعى MicroTau. تساعد هذه المادة على تقليل مقاومة الهواء وبالتالي تقليص استهلاك الوقود بنسبة قد تصل إلى 4%، وهو رقم كبير في عالم الطيران.
أما في الصين، فشركة Comac كشفت عن طائرتها الجديدة C949 التي تطير بسرعة ماخ 1.6 -ما يعادل 1,975 كم/س- مع قدرة على التحليق بصمت شبه تام. ويعود ذلك إلى تصميم ديناميكي معقد يشتت الموجات الصوتية الناتجة عن كسر حاجز الصوت، أي أقل بنسبة 95% من طائرة كونكورد.