تشهد صناعة السيارات الكهربائية على مستوى العالم سباقًا لتطوير تقنيات بطاريات الحالة الصلبة Solid-State Batteries، التي تُعد ثورة كهربائية في عالم السيارات، مع وعود بمدى قيادة يتجاوز 1000 كيلومتر، باستخدام خلايا أصغر حجمًا وأخف وزنًا، ما يمهد لجيل جديد من السيارات الكهربائية ذات الأداء الفائق والتكلفة المنخفضة.
بطاريات الحالة الصلبة ..حلم لم يتحقق بعد
على مدار سنوات، توقّع خبراء الصناعة أن تزيح بطاريات الحالة الصلبة تقنيات البطاريات الحالية مثل ليثيوم فوسفات الحديد LFP ونيكل-منجنيز-كوبالت NMC، لما توفره من كثافة طاقة أعلى، وزن أقل، أمان أكبر، وأداء أفضل في درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة. إلا أن هذا التحول لا يزال يواجه العديد من العقبات التقنية، وتأخيرات في جداول الإنتاج التجاري الضخم.
شركات عملاقة تُراهن على مستقبل الحالة الصلبة
رغم التحديات، لم تتراجع شركات السيارات عن طموحاتها في تطوير هذه التقنية الثورية، حيث تُواصل علامات مثل BMW، و مرسيدس-بنز Mercedes-Benz، و ستيلانتيس Stellantis، استثماراتها في هذا المجال، مدفوعة بإمكانية إنتاج سيارات كهربائية بمدى قيادة يتجاوز 1000 كيلومتر لكل شحنة.
BMW تبدأ التجارب الفعلية في ميونيخ
بدأت BMW بالفعل في اختبار نموذج أولي خاص من طراز i7 يعمل بخلايا حالة صلبة كبيرة الحجم، طوّرتها شركة “سوليد باور Solid Power” الأمريكية، والتي تستخدم إلكتروليتات قائمة على الكبريتيد. ومن المتوقع استخدام هذه الخلايا في الجيل القادم من طرازات Neue Klasse الكهربائية. ومع ذلك، تُشير خطط الشركة إلى أن الإنتاج التجاري الضخم لهذه الطرازات لن يبدأ قبل العقد المقبل، وتحديدًا بحلول ثلاثينيات هذا القرن.
مرسيدس-بنز تُطلق نموذج EQS ببطاريات الحالة الصلبة
في المقابل، أطلقت مرسيدس-بنز Mercedes-Benz في فبراير الماضي أول اختبار ميداني لطراز EQS كهربائي مُعدّل بخلايا بطاريات الحالة الصلبة، بالتعاون مع شركة فاكتوريال إنرجي Factorial Energy، التي ترتبط معها مرسيدس بشراكة استراتيجية منذ سنوات.
ووفقًا لما كشفه أوفه كيلر Uwe Keller، رئيس قسم تطوير البطاريات في مرسيدس-بنز، تتميز هذه البطاريات الجديدة بأنها توفر طاقة تزيد بنسبة 25% عن البطاريات الحالية، بالإضافة إلى كونها أخف وزنًا وأصغر حجمًا، وهو ما سينعكس بشكل مباشر على تصميم وهندسة سيارات مرسيدس الكهربائية المستقبلية.
وأوضح كيلر قائلاً: “هذه المزايا لا تقتصر فقط على زيادة مدى القيادة، بل تُؤثر أيضًا على تصميم وهندسة السيارة، حيث تُعد خلايا الحالة الصلبة أقل عرضة للسخونة الزائدة مقارنة بالتقنيات التقليدية”.
ستيلانتيس تُحدد 2026 موعدًا لاختبار تقنيتها الجديدة
من جانبها، تعمل مجموعة ستيلانتيس Stellantis، على تسريع جهودها لتطوير بطاريات الحالة الصلبة بالتعاون مع “فاكتوريال إنرجي”، مع خطط لبدء التجارب على الأرض في عام 2026.
وفي هذا السياق، قالت آن لاليرون Anne Laliron، نائب الرئيس التنفيذي للبحث والتطوير في ستيلانتيس: “بطاريات الحالة الصلبة تمثل البوصلة التي تُوجه مستقبل كيمياء البطاريات، إذ تمنح شركات السيارات حرية الاختيار بين زيادة مدى القيادة أو تقليل كمية المواد الخام المستخدمة، وفي كلتا الحالتين يتم تقليل التكاليف والبصمة الكربونية”.
نيسان وتويوتا تتسابقان نحو الإنتاج التجاري
على صعيد آخر، تُعد شركتا تويوتا Toyota و نيسان Nissan من أكثر الشركات طموحًا في سباق بطاريات الحالة الصلبة، حيث أعلنت تويوتا عن نيتها بدء الإنتاج التجاري لهذه التقنية في عام 2027، فيما تستهدف نيسان طرح بطارية من هذا النوع بحلول 2028. ومع ذلك، تواجه نيسان حالة من عدم الاستقرار الإداري والمالي قد تُهدد بإرجاء خططها الطموحة.
الطريق ما زال طويلًا رغم التقدم
ورغم التقدم الكبير والاختبارات الواعدة التي تُجرى حاليًا، إلا أن معظم الخبراء يُجمعون على أن التحديات التقنية المتعلقة بالإنتاج الضخم لبِنية خلايا الحالة الصلبة، وتكاليف التصنيع، والاعتمادية، لا تزال تُعيق تعميمها على نطاق واسع في السيارات التجارية خلال السنوات القليلة المقبلة.