نيسان تلجأ إلى الصين في خطة التعافي وإعادة الهيكلة

تشهد نيسان Nissan اليابانية واحدة من أصعب المراحل في تاريخها الحديث، حيث تسعى العلامة إلى تنفيذ خطة تعافٍ شاملة تحمل اسم Re:Nissan، تهدف إلى إعادة هيكلة عملياتها على مستوى العالم وخفض التكاليف لمواجهة التحديات المتزايدة في سوق السيارات، خصوصًا في قطاع السيارات الكهربائية. وتأتي الصين اليوم في قلب هذه الاستراتيجية، إذ أصبحت نيسان أحدث الشركات العالمية التي تلجأ إلى الخبرات والتقنيات الصينية لمساعدتها على استعادة موقعها في المنافسة العالمية.
تقليص الإنتاج وتداعيات أزمة البطاريات
ضمن خطتها الجديدة، أعلنت نيسان أنها ستخفض نحو 20 ألف وظيفة عالميًا، مع إغلاق سبعة مصانع إنتاج حول العالم بحلول نهاية العام المالي 2026، وذلك في إطار مساعيها لخفض التكاليف بما يقارب 250 مليار ين ياباني. ويأتي هذا في وقت حساس، حيث واجهت الشركة اضطرارًا لتقليص إنتاج الجيل الجديد من نيسان ليف Nissan LEAF، الطراز الكهربائي الذي يُعتبر حجر الأساس في عودة نيسان إلى المنافسة.
ووفقًا لتقرير صحفي، اضطرت نيسان إلى خفض إنتاج ليف الجديدة بأكثر من النصف خلال الفترة ما بين سبتمبر ونوفمبر، بسبب أزمة نقص البطاريات. وقد انعكس هذا مباشرة على مصنع توتشيغي Tochigi في اليابان، المسؤول عن إنتاج الطراز الجديد المخصص للأسواق اليابانية والأمريكية.
الاستعانة بالخبرات الصينية
مع تصاعد الضغوط، توجهت نيسان إلى الصين للاستفادة من طرق التصنيع المتقدمة والتقنيات المبتكرة المستخدمة هناك، والتي ساعدت شركات مثل BYD وغيرها على خفض تكاليف الإنتاج وتحقيق ربحية أعلى حتى مع تقديم سيارات كهربائية بأسعار تنافسية.
تاتسوزو توميتا Tatsuzo Tomita، رئيس قطاع التحول الشامل لخفض التكاليف في نيسان TdC، صرّح بأن الشركة اكتسبت بالفعل خبرة من “الطرق الصينية في العمل”، وتسعى الآن لتطبيق هذه الأساليب في إنتاج مكونات سياراتها الحالية والمستقبلية لزيادة الإنتاجية وخفض التكاليف. وأكد توميتا أن التحدي يكمن في كيفية دمج هذه الأساليب ضمن سلسلة الإمداد العالمية للشركة، لتنعكس على عملياتها في مختلف الأسواق.
نيسان بين الماضي والمستقبل
منذ إطلاق الجيل الأول من نيسان ليف Nissan LEAF، اعتُبرت نيسان رائدة في مجال السيارات الكهربائية، غير أن المنافسة الشرسة وتزايد الخيارات في الأسواق العالمية جعلها تفقد بعضًا من قوتها التنافسية. واليوم، باتت الشركات الصينية تسيطر على جزء كبير من سلسلة توريد السيارات الكهربائية، بدءًا من البطاريات ووصولًا إلى البرمجيات، ما مكنها من طرح سيارات بأسعار أقل مع المحافظة على هامش ربحية مرتفع.
تسعى نيسان إلى استعادة مكانتها عبر طرازاتها الجديدة، مثل الجيل القادم من ليف، إضافة إلى الطراز الكهربائي الجديد نيسان N7، الذي تم الكشف عنه إلى جانب السيارة الرياضية GT-R عبر شراكة دونج فينج نيسان Dongfeng Nissan في الصين. ومع ذلك، فإن التخفيض الكبير في الإنتاج يؤكد أن الشركة بحاجة إلى حلول عاجلة لضمان الاستمرارية في هذه المرحلة الدقيقة.
نيسان ضمن اتجاه عالمي نحو الصين
نيسان ليست وحدها في هذا التوجه، فقد سبقتها تويوتا Toyota التي بدأت في الاعتماد على مكونات صينية لإنتاج سيارات كهربائية موجهة للأسواق العالمية من قاعدة إنتاجها في تايلاند. كما انضمت إلى هذا المسار شركات كبرى مثل فولكس فاجن Volkswagen، مرسيدس-بنز Mercedes-Benz، بي إم دبليو BMW، أودي Audi، وفورد Ford، وكلها لجأت إلى الاستفادة من تقنيات التصنيع الصينية لتسريع خططها الكهربائية وخفض التكاليف.
مستقبل مليء بالتحديات
بينما تضع نيسان آمالها على سياراتها الكهربائية الجديدة لاستعادة التوازن، فإن نجاح خطتها Re:Nissan سيعتمد على مدى قدرتها على دمج الخبرات الصينية ضمن عملياتها العالمية، مع المحافظة على هوية علامتها وقيمتها السوقية.