فورمولا-1 ..راسل يقتنص لقب سنغافورة ومكلارين يحسم لقب الصانعين قبل 6 جولات من نهاية الموسم

شهدت حلبة مارينا بايMarina Bay في سنغافورة واحدة من أكثر سباقات موسم الـ فورمولا-1 لعام 2025 سخونة على المستويين التنافسي والدرامي، بعدما تصاعدت التوترات بين ثنائي فريق مكلارين  McLaren، البريطاني لاندو نوريس Lando Norris و الأسترالي أوسكار بياستري  Oscar Piastri، رغم فوز الفريق رسميًا بلقب بطولة الصانعين للموسم الثاني على التوالي.

السباق الذي جرى تحت حرارة بلغت 30 درجة مئوية ورطوبة 72% اعتُبر أول سباق في تاريخ الفورمولا-1 يُصنف كـ”سباق خطر حراري” -Heat Hazard Grand Prix- نظرًا للظروف المناخية القاسية التي اختبرت قدرة السائقين على التحمل.

بداية نارية واحتكاك بين سائقي مكلارين

منذ اللحظات الأولى لانطلاق السباق، اشتعلت الأجواء داخل فريق مكلارين بعد احتكاك مباشر بين سيارتي الفريق. عند المنعطف الأول، حاول نوريس تجاوز زميله بياستري من الجهة الداخلية بعد انطلاقة قوية من المركز الخامس على شبكة الانطلاق. لكن مع تباطؤ مفاجئ من ماكس فيرستابن   Max Verstappen سائق ريد بول Red Bull في منتصف المنعطف الثالث، اصطدم نوريس بمقدمة سيارة فيرستابن، مما ألحق ضررًا بجناحه الأمامي، قبل أن يرتد بسيارته ليصطدم جانبياً بزميله بياستري، الأمر الذي عطّل تقدم الأخير وسمح لنوريس بخطف المركز الثالث.

القوانين الداخلية لفريق مكلارين تنص على السماح للسائقين بالتنافس بحرية، لكن بشرط عدم الاحتكاك أو التسبب بأي ضرر متبادل. ومع ذلك، كان من الواضح أن ما حدث تجاوز هذا الحد. عبر جهاز الاتصال اللاسلكي، عبّر بياستري عن استيائه قائلاً: “هذا لم يكن تصرفًا جماعيًا إطلاقًا، ولكن على كل حال”. وبعدها بدقائق أضاف: “هل نحن راضون عن أن لاندو دفعني بهذه الطريقة؟”

جاء رد مهندس بياستري توم ستالارد Tom Stallard بأن الفريق “يُراجع الحادث”، ثم أوضح لاحقًا أنه لن يتم اتخاذ أي إجراء أثناء السباق لأن “لاندو اضطر لتفادي فيرستابن”، مؤكدًا أن الفريق “سيراجع الموقف بعد انتهاء السباق”. إلا أن هذا التبرير لم يُقنع السائق الأسترالي الذي ردّ غاضبًا قائلاً إن القرار “غير عادل”، مستخدمًا تعبيرًا حادًا تجاه تبرير الفريق لتصرف نوريس.

أما نوريس فقد دافع عن نفسه عقب السباق قائلاً: “كان المسار زلقًا، لكنها مجرد منافسة. حاولت التوغل من الداخل، حصل انزلاق بسيط، لا أكثر. كانت منافسة نظيفة في رأيي، وأنا راضٍ عما قدمته اليوم”.

خلفية التوتر بين السائقين

تأتي هذه الواقعة بعد سلسلة من القرارات السابقة التي رآها بياستري غير منصفة داخل الفريق. ففي جائزة المجر الكبرى في أغسطس، كان بياستري متصدرًا لثنائي مكلارين، لكن الفريق سمح لنوريس بتغيير استراتيجيته، وهو ما قاده لاحقًا إلى الفوز بالسباق. وفي إيطاليا في سبتمبر، أُجبر بياستري على إعادة المركز الثاني لنوريس بعد توقف بطيء للأخير في الحظائر، رغم اتفاق سابق يقضي بأن أخطاء التوقف تعتبر جزءًا من مجريات السباق ولا تُعالج بقرارات الفريق.

بياستري اعترض على القرار حينها لكنه التزم به احترامًا لسياسات الفريق، إلا أن حادث سنغافورة أعاد إشعال الجدل مجددًا داخل مكلارين، ما يُتوقع أن يؤدي إلى مناقشات داخلية مكثفة خلال الأيام المقبلة.

ورغم هذا التوتر، تُوج فريق مكلارين رسميًا بلقب الصانعين للموسم الثاني على التوالي، وهو إنجاز تحقق قبل ستة سباقات من نهاية الموسم، في نفس النقطة الزمنية التي حسمت فيها ريد بول Red Bull اللقب قبل عامين. ويعكس هذا التتويج الموسم القوي للفريق الذي قدّم أداءً متوازنًا وسيارة كانت ضمن الأفضل من حيث الثبات والسرعة.

فوز مستحق لجورج راسل وهيمنة مرسيدس

في الوقت الذي انشغل فيه الجميع بتوترات مكلارين، حقق البريطاني جورج راسل  George Russell سائق مرسيدس Mercedes انتصارًا مهيمنًا هو الثاني له هذا الموسم بعد فوزه في جائزة كندا الكبرى في يونيو الماضي. تمكن راسل من فرض سيطرته منذ البداية، بعد أن انطلق من المقدمة محتفظًا بالصدارة حتى نهاية السباق.

أما ماكس فيرستابن   Max Verstappen فقد اختار الانطلاق بإطارات ناعمة  Soft  على عكس معظم المنافسين الذين بدأوا بإطارات متوسطة  Medium، لكن هذه الاستراتيجية لم تُثمر كما كان يأمل. تمكن راسل من الحفاظ على صدارته بسهولة، بينما اضطر فيرستابن للدفاع عن مركزه ضد هجمات متواصلة من نوريس الذي ظل خلفه معظم فترات السباق.

وعلى الرغم من تفوق نوريس في بعض المقاطع، إلا أن استراتيجية الحظائر لم تكن في صالح مكلارين، حيث دخلت ريد بول لتبديل الإطارات أولًا، وهو ما منح فيرستابن أفضلية زمنية مكنتّه من الحفاظ على مركزه الثاني. وبعد تأخر نوريس سبع لفّات قبل التوقف، لم تكن ميزة الإطارات الجديدة كافية لتخطي فيرستابن.

في المراحل الأخيرة، ارتكب فيرستابن خطأ في المنعطفين السادس عشر والسابع عشر، ما سمح لنوريس بالاقتراب الشديد مستفيدًا من نظام DRS للمساعدة في التجاوز، لكنه لم يتمكن من إكمال المناورة بنجاح. هذا التنافس الشرس سمح لبياستري بتقليص الفارق إلى تسع ثوانٍ فقط بعد توقف بطيء في الحظائر، لكنه لم يلحق بمجموعة المقدمة قبل نهاية السباق، ليكتفي بالمركز الرابع.

أنتونيللي يتفوق على فيراري وهاميلتون يعاني

في المركز الخامس، أظهر كيمي أنتونيللي   Kimi Antonelli من فريق مرسيدس أداءً مميزًا بعدما تجاوز سائق فيراري   Ferrari شارل لوكلير   Charles Leclerc في اللفة الرابعة والخمسين، ليحافظ على موقعه حتى خط النهاية. أما لويس هاميلتون Lewis Hamilton، فقد عانى من مشاكل في المكابح خلال اللفات الأخيرة رغم محاولته الهجومية المتأخرة بعد تغيير الإطارات إلى النوع الناعم.

طلب فريق فيراري من لوكلير السماح لهاميلتون بالمرور لمحاولة اللحاق بأنتونيللي، لكن مشاكل الكبح حالت دون نجاح البريطاني في تجاوز زميله الشاب. وفي الوقت الذي كان يبتعد فيه عن فرناندو ألونسو   Fernando Alonso سائق أستون مارتن   Aston Martin بفارق تجاوز 50 ثانية، بدأت مشاكله الميكانيكية تؤثر على سرعته، ما سمح لألونسو بالاقتراب بسرعة شديدة في اللفة الأخيرة.

وجه ألونسو انتقادات حادة عبر الراديو لهاميلتون بسبب تجاوزه المتكرر حدود المسار دون عقوبة، مشيرًا أيضًا إلى حادثة مشابهة في التجارب التأهيلية عندما لم يُعاقب البريطاني على التسارع أثناء رفع العلم الأحمر. بعد نهاية السباق، عاقبت لجنة التحكيم هاميلتون بإضافة خمس ثوانٍ إلى زمنه النهائي بسبب خروجه المتكرر عن المسار دون مبرر، ليتراجع إلى المركز الثامن ويصعد ألونسو إلى المركز السابع رسميًا.

نتائج المراكز الأخيرة وصراع النقاط

خلف ألونسو، أنهى الفرنسي إسّاك حجار   Isack Hadjar من فريق ريسينغ بولز   Racing Bulls السباق في المركز التاسع بعد معركة قوية مع ألونسو في اللفات الأولى، بينما اختتم البريطاني أوليفر بيرمان   Oliver Bearman سباقه في المركز التاسع الفعلي قبل العقوبات، لينال نقطة واحدة ثمينة مع فريق هاس   Haas. أما النقطة الأخيرة في سباق سنغافورة فقد ذهبت إلى الإسباني كارلوس ساينز   Carlos Sainz مع فريق ويليامز   Williams.

ختام درامي لموسم محتدم

بهذا الفوز، رفع جورج راسل رصيده في البطولة وأكد عودة مرسيدس   Mercedes إلى المنافسة بعد بداية صعبة للموسم. أما في صدارة السائقين، فقد تقلص الفارق بين بياستري ونوريس إلى 22 نقطة فقط مع تبقي ستة سباقات على نهاية الموسم، بينما قلّص فيرستابن الفارق إلى 63 نقطة خلف المتصدر، مما يُبقي آماله قائمة في العودة إلى صدارة البطولة في المراحل الختامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى