فيراري تُعيد اكتشاف سرعتها ..كيف غيّر “بنديتو فينيا” ثقافة الأسطورة الإيطالية

وُلد بنديتو فينيا Benedetto Vigna في إيطاليا، ودرس الفيزياء في جامعة بيزا University of Pisa، قبل أن يبدأ مسيرته المهنية الطويلة في شركة الإلكترونيات الدقيقة الفرنسية STMicroelectronics، حيث أمضى أكثر من ثلاثين عامًا متنقلًا من مهندس مبتدئ إلى أحد كبار التنفيذيين.
هذه الخلفية التقنية كانت مفتاحًا رئيسيًا لاختياره من قبل مجلس إدارة فيراري Ferrari في عام 2021 لتولي منصب الرئيس التنفيذي، خاصة مع ازدياد أهمية البرمجيات والحوسبة في صناعة السيارات الفاخرة الحديثة.

بنديتو فينيا Benedetto Vigna
بنديتو فينيا Benedetto Vigna

تكنولوجيا تُحرّك العاطفة

يؤمن فينيا بأن التكنولوجيا ليست هدفًا في ذاتها، بل وسيلة لخلق تجربة عاطفية أعمق مع السيارة. ويقول:

“لم أستخدم التكنولوجيا يومًا لمجرد كونها تكنولوجيا، بل من أجل تأثيرها على المشاعر التي تولّدها لدى الإنسان”.

الصدمة الثقافية داخل مارانيلو

ومع انتقاله من عالم التكنولوجيا إلى عالم السيارات، واجه فينيا ما وصفه بـ”الصدمة الثقافية”، إذ اكتشف أن وتيرة العمل داخل فيراري، رغم إنتاجها سيارات فائقة السرعة، كانت بطيئة إداريًا. فقد لاحظ وجود ثقافة “الجزر المنعزلة” داخل الأقسام المختلفة، إضافة إلى مسافة كبيرة بين الإدارة العليا والموظفين في المراتب الأدنى.

ولتغيير هذا الواقع، أطلق فينيا في بداية فترة قيادته ما وصفه بـ”جولة الاستماع”، التقى خلالها بأكثر من 300 موظف من إجمالي 5,500 موظف يعملون في الشركة، بهدف فهم التحديات والفرص من منظور العاملين أنفسهم.

وقد توصّل إلى قناعة مفادها أن إشعال العاطفة لدى الموظفين هو المفتاح لتحفيز الابتكار، وأنه لا يمكن إطلاق الأفكار العظيمة إذا ظلت مدفونة خلف الحواجز الإدارية.

إشعال شرارة الابتكار

ويؤكد فينيا أن نتائج هذه المقاربة الجديدة كانت مذهلة، إذ ارتفع معدل الابتكار داخل الشركة خمسة أضعاف مقارنة بما كان عليه قبل توليه المنصب، حيث سجلت فيراري 201 براءة اختراع خلال عام واحد، بعد أن كانت تسجل 26 براءة فقط عام 2019.

عندما يعيش الموظفون تجربة السرعة

من بين الملاحظات التي أثارت دهشة فينيا عند وصوله إلى مارانيلو أن العديد من موظفي فيراري، رغم عملهم في الشركة، لم يسبق لهم قيادة أي سيارة من سياراتها. وهو أمر بدا له غريبًا في مؤسسة تصنع سياراتها بروح العاطفة الخالصة.

لذلك قرر اتخاذ خطوة رمزية ولكنها مؤثرة، دعا الموظفين إلى حلبة الاختبار في مقر الشركة ليعيشوا تجربة الجلوس في مقعد الراكب بجوار أحد سائقي الاختبار المحترفين. ومع مرور الوقت، تطورت المبادرة إلى برنامج أوسع يسمح لجميع موظفي فيراري بتجربة قيادة سيارات الشركة بأنفسهم.

ويقول فينيا إن نحو 50 موظفًا في الأسبوع يحصلون على فرصة قيادة إحدى سيارات فيراري في عطلات نهاية الأسبوع، مشيرًا إلى أن الحجوزات تُفتح عبر الشبكة الداخلية للشركة وتُغلق في خلال ثوانٍ معدودة نظرًا للإقبال الكبير. وأضاف:

“الأمر يحمل طابعًا عاطفيًا جدًا بالنسبة لهم. بالنسبة لكثيرين، هي لحظة حلم تتحقق”.

العاطفة وقود الأسطورة

هذه الخطوات، وفقًا لفينيا، ليست مجرد مبادرات رمزية، بل جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى جعل كل موظف في فيراري يشعر بأنه جزء من الأسطورة، لا مجرد عامل في مصنع سيارات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى