تُعد سيارة أوبل جي تي Opel GT واحدة من أكثر السيارات الكوبيه التي حققت نجاحاً كبيراً حول العالم، وكانت هذه السيارة ثورية في وقتها نظراً لأدائها الرياضي وتصميمها الثوري الذي استلهم خطوطه من شكل زجاجة الكوكاكولا الشهيرة، ليصبح هذا التصميم رمزًا مميزا في عالم السيارات الرياضية الكلاسيكية.
خلفية تاريخية ..كيف وُلدت فكرة أوبل GT
في ستينيات القرن الماضي، كانت المنافسة على أشدها بين شركات السيارات الأوروبية والأمريكية لتقديم سيارات كوبيه رياضية بتصاميم مبتكرة تجذب الأنظار وتُترجم تطور الأداء الهندسي. وفي هذا السياق، برزت أوبل Opel، التي كانت وقتها تابعة لشركة جنرال موتورز General Motors الأمريكية، كواحدة من الشركات التي قدمت سيارة تجمع بين الأداء الرياضي والشكل الانسيابي المميز.
استوحت أوبل تصميم GT من نماذج السيارات التجريبية المستقبلية، خاصةً طراز Experimental GT الذي عُرض لأول مرة عام 1965، والذي استلهم خطوطه من فلسفة التصميم الأمريكية المعروفة باسم “قوارب الفضاء” Space Age، التي دمجت مفاهيم الديناميكا الهوائية والتكنولوجيا المتطورة مع لمسات مستقبلية وقتها.
وقد تولى تصميم السيارة قسم أوبل للتصميم Opel Design، بقيادة فريق ألماني شاب عمل بالتعاون مع خبراء التصميم في جنرال موتورز، ليتمكنوا من تقديم سيارة غمستقبلية خرجت تمامًا عن المألوف في تلك الفترة، مع اعتماد انحناءات جانبية تبرز شكل زجاجة الكوكاكولا الشهيرة، وهو ما منح السيارة لقب Coke Bottle Car.
ما الذي ميّز أوبل GT عن باقي سيارات الكوبيه؟
ما جعل أوبل GT مختلفة ليس فقط شكلها، بل التوازن بين الحجم الصغير، الوزن الخفيف، والروح الرياضية. جاءت أوبل GT بطول لا يتجاوز 4.1 متر مع قاعدة عجلات قصيرة وارتفاع منخفض، وهو ما ساعد على تحقيق مركز ثقل منخفض وقدرة عالية على المناورة، ما جعلها تنافس بقوة سيارات مثل ألفا روميو سبايدر Alfa Romeo Spider وفيات 124 سبايدر Fiat 124 Spider وحتى بورشه 911 Porsche في فئة السيارات الرياضية المدمجة.
ولعل أبرز ما ميز تصميمها الخارجي هو الواجهة الأمامية الديناميكية، الخطوط الجانبية المقعّرة التي تعكس شكل زجاجة الكوكاكولا بوضوح، بالإضافة إلى المصابيح الأمامية المنبثقة القابلة للدوران، التي كانت من أبرز الابتكارات التقنية والجمالية في تلك الفترة.
أما المقصورة الداخلية، فجاءت بسيطة لكنها رياضية بامتياز، مع استخدام العدادات الدائرية الكبيرة وعجلة القيادة ثلاثية الأذرع.
المحركات والأداء
رغم أن أوبل GT لم تُقدم كمنافسة مباشرة لسيارات العضلات الأمريكية أو السيارات الرياضية الإيطالية ذات المحركات الكبيرة، إلا أنها استطاعت أن تُثبت حضورها بفضل الاعتماد على محركات رباعية الأسطوانات موثوقة ذات أداء مقبول لتلك الفترة الزمنية.
توفرّت السيارة بنسختين رئيسيتين، المحرك الأول بسعة 1.1 لتر يُنتج قوة 67 حصانًا، وهو مخصص للفئات الأساسية، المحرك الأقوى بسعة 1.9 لتر يولد قوة 102 حصانًا، ما منح السيارة قدرة تسارع جيدة وسرعة قصوى تتخطى 185 كم/س.
وبفضل الوزن الخفيف والتوزيع المتوازن للكتلة، كانت تجربة القيادة مميزة بفضل الثبات العالي والتجاوب السريع على المنعطفات، ما جعلها واحدة من السيارات المفضلة لمحبي السيارات الرياضية الخفيفة خلال أواخر الستينيات وبداية السبعينيات.
أوبل GT حول العالم
تم إنتاج أوبل GT بين عامي 1968 و1973، وخلال هذه الفترة، باعت الشركة أكثر من 100 ألف وحدة، معظمها تم تصديره للأسواق الخارجية، وخاصة الولايات المتحدة، حيث حازت السيارة على إعجاب عشاق السيارات الرياضية بفضل مزيجها من التصميم الأوروبي والروح الأمريكية.
كما ساعدت أوبل GT على تعزيز مكانة أوبل عالميًا كعلامة قادرة على تقديم سيارات رياضية تنافسية بأسعار معقولة، وساهمت أيضًا في التأسيس لفكرة السيارات الرياضية الصغيرة التي لا تعتمد فقط على القوة، بل على التصميم الذكي والتوازن الهندسي.
تصميم مميز جعلها حاضرة في كل العصور
اليوم، وبعد مرور أكثر من 50 عامًا على ظهورها الأول، ما زالت أوبل GT تُعد من أكثر السيارات الكلاسيكية طلبًا في أسواق السيارات الكلاسيكية والمزادات العالمية، ويعود الفضل في ذلك لتصميمها المميز والمستوحى من خطوط زجاجة الكوكاكولا، إضافة إلى ندرتها وحفاظها على ملامحها الأصلية حتى الآن.
كذلك لا تزال أوبل GT تحظى بتقدير واسع في أوساط محبي السيارات الكلاسيكية، حيث تُعرض نسخها في أهم معارض السيارات العالمية مثل معرض إيسن للسيارات الكلاسيكية Essen Classic Motorshow، كما تُشارك في سباقات الاستعراض وفعاليات السيارات التاريخية في أوروبا وأمريكا.