من ضمن أنظمة القيادة الذكية التي تساعد السائق على التحكم بالسيارة بشكل أكثر سلاسة نظام مثبت السرعة Cruise Control كواحد من أهم الابتكارات التي تمثل قفزة كبيرة نحو قيادة أكثر راحة وأماناً، خاصة في المسافات الطويلة والطرق السريعة. هذه التقنية التي بدأت في الظهور منذ أكثر من نصف قرن، لم تقتصر اليوم على الحفاظ على سرعة ثابتة فقط، بل تطورت لتصبح جزءاً من منظومة القيادة الذكية والتحكم شبه الذاتي في السيارات الحديثة.
ما هو مثبت السرعة ووظيفته الأساسية
مثبت السرعة هو نظام إلكتروني ميكانيكي مصمم للتحكم في سرعة السيارة تلقائيًا دون الحاجة إلى استمرار ضغط السائق على دواسة الوقود. يقوم هذا النظام بحفظ سرعة معينة يتم تحديدها يدويًا بواسطة السائق أثناء القيادة، ويستمر في تثبيت تلك السرعة حتى يتم إلغاؤها أو تعديلها. الهدف الأساسي من هذا النظام هو تقليل الجهد المبذول من السائق، خاصة خلال الرحلات الطويلة أو القيادة على الطرق المفتوحة التي لا تتطلب توقفات أو تغيرات متكررة في السرعة. وتُعد هذه التقنية من الابتكارات التي توازن بين الراحة والكفاءة، إذ تساهم أيضاً في خفض استهلاك الوقود عبر تقليل التغيرات الحادة في التسارع والتباطؤ.
كيف يعمل مثبت السرعة التقليدي في السيارة؟
يبدأ عمل نظام مثبت السرعة بمجرد وصول السيارة إلى سرعة ثابتة مناسبة، حيث يقوم السائق بتفعيل النظام من خلال زر مخصص عادة ما يكون على عجلة القيادة أو على ذراع منفصل بجانبها. عند تفعيل النظام، تُرسل وحدة التحكم الإلكترونية في السيارة إشارات إلى الـ Throttle لضبط تدفق الوقود بما يتناسب مع الحفاظ على السرعة المطلوبة دون الحاجة لتدخل السائق. هذا النظام يبقى في حالة تفعيل طالما لم يتم الضغط على دواسة الفرامل، حيث إن هذه الأوامر تُعتبر إشارات لإلغاء التثبيت تلقائياً حفاظاً على الأمان. يمكن للسائق أيضاً تعديل السرعة المثبتة أو إلغاء التفعيل يدوياً باستخدام أدوات التحكم.
مثبت السرعة التفاعلي
مع تطور صناعة السيارات واندماج الأنظمة الذكية في وسائل النقل، نشأ نوع أكثر تطوراً من مثبت السرعة التقليدي يُعرف باسم “مثبت السرعة التفاعلي” أو Adaptive Cruise Control -ACCهذا النظام يعتمد على مستشعرات أمامية مثل الرادار والكاميرات لرصد السيارات والمركبات في الأمام. عند اقتراب السيارة من مركبة أخرى تسير بسرعة أبطأ، يقوم النظام تلقائيًا بتقليل سرعة السيارة للحفاظ على مسافة أمان محسوبة، ثم يُعيدها للسرعة الأصلية عندما يعود الطريق أمامها خالياً. بعض أنظمة مثبت السرعة التفاعلي المتطورة أصبحت قادرة على التوقف والانطلاق التلقائي في الزحام، مما يجعلها أقرب ما تكون إلى قيادة شبه ذاتية>
الحالات المثالية لاستخدام مثبت السرعة
يُعتبر الطريق السريع أو الطريق المفتوح غير المزدحم هو البيئة المثالية لتفعيل نظام مثبت السرعة، حيث يكون التغيير في السرعة محدوداً والتفاعل مع إشارات المرور والحركة أقل. استخدام النظام في هذه الحالة لا يحقق فقط راحة للسائق، بل يُساعد أيضاً على تقليل استهلاك الوقود وتحقيق كفاءة أفضل في القيادة على المدى الطويل. كما أنه يُقلل من الإجهاد العضلي الناتج عن الضغط المتواصل على دواسة البنزين، وهو أمر قد يكون مزعجاً في الرحلات الطويلة التي تمتد لساعات.
المواقف التي لا يُنصح فيها باستخدام مثبت السرعة
على الرغم من مزاياه المتعددة، لا يُنصح باستخدام مثبت السرعة في بعض الحالات التي قد تُشكل خطراً على سلامة القيادة. من أبرز هذه الحالات القيادة داخل المدن أو في المناطق التي تتطلب توقفاً متكرراً، حيث يكون التفاعل مع إشارات المرور والمشاة ضروريًا. كذلك يُفضل إيقاف النظام في حال القيادة على طرق زلقة بفعل الأمطار أو الثلوج، لأن تثبيت السرعة في ظروف فقدان الاحتكاك قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على السيارة. كما ينبغي تجنب استخدامه على الطرق الجبلية المتعرجة أو في المنحدرات الشديدة التي تحتاج إلى تحكم يدوي مستمر في التسارع والكبح. والأهم من ذلك، يُمنع تماماً استخدامه عند شعور السائق بالإجهاد أو النعاس، حيث قد يزيد ذلك من احتمالية وقوع حوادث نتيجة تراجع اليقظة.