السيارات ذات الناقل اليدوي تقترب من الانقراض ..ما القصة ؟!

شهد قطاع السيارات الأوروبي تحولًا جذريًا خلال العقدين الماضيين، حيث باتت السيارات المزودة بناقل حركة أوتوماتيكي  Automatic Transmission  هي المعيار الأساسي في الأسواق، بينما تراجعت السيارات المزودة بناقل حركة يدوي  Manual Transmission بشكل لافت حتى أوشكت على الانقراض، في مشهد يعكس تغييرًا شاملًا في توجهات المستهلكين وشركات صناعة السيارات على حد سواء.

بداية الألفية وهيمنة الناقل اليدوي

في عام 2001، كانت الصورة مختلفة تمامًا، إذ سيطر الناقل اليدوي على معظم السيارات المسجلة في أكبر خمسة أسواق أوروبية تشمل ألمانيا، المملكة المتحدة، فرنسا، إيطاليا، وإسبانيا . فقد مثّلت السيارات المزودة بناقل يدوي حينها نحو 91% من إجمالي التسجيلات الجديدة في هذه الأسواق مجتمعة. وكانت هذه النسبة تشمل حتى السيارات الفاخرة من علامات مميزة، حيث ظل الناقل الأوتوماتيكي في ذلك الوقت ميزة إضافية تُحسب ضمن عناصر الرفاهية أكثر من كونه خيارًا أساسيًا.

لم تكن تقنيات ناقل الحركة الأوتوماتيكي حينها على المستوى المتطور الذي نشهده اليوم، وكان تطويرها يتطلب استثمارات ضخمة تنعكس مباشرة على أسعار السيارات النهائية. لذلك، بقي الخيار الأوتوماتيكي محدود الانتشار نظرًا لارتفاع تكلفته، تمامًا كما حدث مع العديد من تقنيات السلامة في بداياتها مثل الوسائد الهوائية  Airbags  التي كانت حكرًا على الفئات الأعلى قبل أن تتحول إلى عنصر أساسي في جميع السيارات.

صعود الأوتوماتيكي مع تطور التكنولوجيا

مع تزايد معدلات الازدحام المروري في المدن الكبرى وتغيّر نمط حياة السائقين، بدأ الاعتماد على الناقل الأوتوماتيكي يتزايد بشكل متسارع. وبفضل التطوير المستمر الذي أدى إلى تقليل التكاليف، أصبح الخيار الأوتوماتيكي أكثر إغراءً للمستهلكين. شركات السيارات أيضًا لعبت دورًا رئيسيًا في تعزيز هذا التوجه عبر توفير هذه التقنية في طرازات متنوعة، سواء في الفئات الاقتصادية أو الفاخرة، ما جعلها الخيار الطبيعي في مواجهة التغيرات الحضرية وضغوط القيادة اليومية.

أرقام تكشف حجم التحول

التحول الكبير يظهر بوضوح في الأرقام، حيث تراجعت حصة السيارات المزودة بناقل يدوي في الأسواق الأوروبية الخمسة الكبرى من 91% عام 2001 إلى 29% فقط بحلول عام 2024. وعلى مستوى الأسواق، سجلت ألمانيا انخفاضًا من 83% إلى 18%، بينما تراجعت المملكة المتحدة من 86% إلى 22%، وفرنسا من 95% إلى 28%. أما إيطاليا فقد سجلت هبوطًا من 98% إلى 48%، في حين انخفضت إسبانيا من 97% إلى 41%.

وعند مقارنة هذا التوجه بين السيارات الفاخرة والسيارات التقليدية ، نجد أن الفارق كبير. ففي عام 2001، بلغت نسبة السيارات الفاخرة المزودة بناقل أوتوماتيكي 31% فقط، بينما قفزت النسبة لتصل إلى 97% في عام 2024. أما السيارات التقليدية، فقد ارتفعت من 5% فقط في 2001 إلى 63% في العام الماضي.

السوق الأمريكي نموذج لتسارع الانقراض

في الولايات المتحدة، التي عُرفت بريادتها في تبني الناقل الأوتوماتيكي، تراجعت نسبة السيارات المزودة بناقل يدوي من 28% في 2001 إلى 0.7% فقط في عام 2024، وهو ما يعكس بشكل أوضح المسار الذي تسير فيه أوروبا وباقي الأسواق العالمية.

مستقبل الناقل اليدوي

هذه الأرقام تؤكد أن ناقل الحركة اليدوي يواجه خطر الزوال التدريجي من الأسواق الرئيسية عالميًا، خصوصًا مع التوسع المستمر في المركبات الكهربائيةالتي تعتمد بالكامل على أنظمة نقل حركة أوتوماتيكية. ورغم أن الناقل اليدوي لا يزال يحظى بمكانة خاصة لدى عشاق القيادة التقليدية والرياضية، إلا أن اتجاهات السوق تشير بوضوح إلى أن الأوتوماتيكي أصبح الخيار الغالب، وقد يتحول مستقبلًا إلى المعيار الوحيد في غالبية الأسواق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى