فورمولا-1 ..ماكس فيرستابن يهيمن على سباق الولايات المتحدة ويشعل صراع اللقب مع مكلارين

شهدت حلبة أوستن الأمريكية واحدة من أكثر جولات بطولة العالم للـ فورمولا-1 F1 إثارة هذا الموسم، بعد أن قدّم السائق الهولندي ماكس فيرستابن Max Verstappen أداءً خارقًا بسيطرته الكاملة على سباق جائزة الولايات المتحدة الكبرى United States Grand Prix، ليعيد رسم ملامح المنافسة على اللقب العالمي ويضع ضغطًا هائلًا على ثنائي مكلارين McLaren، الأسترالي أوسكار بياستري Oscar Piastri والبريطاني لاندو نوريس Lando Norris.

انطلاقة مذهلة وهيمنة مطلقة منذ اللفة الأولى

منذ اللحظة الأولى لانطلاق السباق، أظهر فيرستابن عزيمة قوية وثقة كبيرة في سيارته ريد بُل Red Bull، إذ نجح في تحويل مركز الانطلاق الأول إلى صدارة مريحة عند المنعطف الأول، ليبدأ بعدها في بناء فارق مريح عن منافسيه. وبفضل تحكمه الكامل في مجريات السباق واستراتيجيته المثالية، تمكن من تحقيق انتصاره السابع التاريخي على حلبة أوستن، وهو رقم قياسي جديد في تاريخ هذا السباق الأمريكي.

جاء هذا الفوز الكبير بعد أن كان فيرستابن قد انتصر أيضًا في سباق السبرينت Sprint Race الذي أُقيم يوم السبت، مما جعله يحقق فوزين متتاليين في عطلة نهاية الأسبوع ذاتها، مؤكداً استعادة فريق ريد بُل لهيمنته في هذه المرحلة المتقدمة من الموسم.

عقب نهاية السباق، عبّر فيرستابن عن سعادته بالفوز قائلاً: “بالتأكيد، الفرصة لا تزال قائمة بقوة. علينا أن نواصل التركيز وتقديم هذه المستويات حتى نهاية الموسم. سنقاتل في كل سباق، وهذا ما يجعل الأمر مثيرًا للغاية. أنا متحمس حقًا لما ينتظرنا”.

منافسة شرسة بين نوريس ولوكلير

على الرغم من البداية القوية لفريق مكلارين، إلا أن آمال لاندو نوريس في انتزاع الصدارة من فيرستابن تبخّرت سريعًا بعد انقضاء اللفات الأولى، حيث تمكن تشارلز لوكلير Charles Leclerc من فريق فيراري Ferrari من تجاوز نوريس عند المنعطف الأول مستفيدًا من الإطارات اللينة Soft التي منحته تماسكًا إضافيًا مقارنةً بإطارات Medium التي استخدمها بقية السائقين في المراكز العشرة الأولى.

وخلال الجزء الأول من السباق، خاض نوريس صراعًا طويلًا مع لوكلير الذي دافع ببراعة عن مركزه الثاني لأكثر من نصف السباق، فيما كان لويس هاميلتون Lewis Hamilton من فريق مرسيدس Mercedes يترقب من المركز الرابع استعدادًا لاستغلال أي خطأ من الثنائي المتنافس أمامه.

وعلى الرغم من محاولات نوريس المتكررة لتجاوز لوكلير عند المنعطف 12 على نهاية الخط المستقيم الطويل، فإنه لم يتمكن من إتمام أي من هذه المحاولات بنجاح. ومع مرور اللفات وارتفاع حرارة الإطارات، بدأ أداء نوريس في التراجع قليلًا، مما اضطره إلى اتباع نصيحة مهندسه ويل جوزيف Will Joseph الذي طلب منه التخفيف من الضغط لبضع لفات لتبريد الإطارات قبل أن يعاود الهجوم.

في اللفات الأخيرة، تمكن نوريس أخيرًا من اقتناص المركز الثاني بعد معركة رائعة مع لوكلير، حيث تجاوز سائق فيراري في المنعطف الأول، قبل أن يستعيد لوكلير مركزه سريعًا، إلا أن نوريس لم يتراجع وتمكن بعد نصف لفة فقط من تنفيذ مناورة ناجحة عند المنعطف 12، ليتقدم نهائيًا إلى المركز الثاني في واحدة من أجمل لحظات السباق.

حادث مبكر يغير مجرى الأحداث

خلال اللفات الأولى من السباق، شهدت الحلبة حادثًا مؤسفًا بين الإسباني كارلوس ساينز Carlos Sainz من فريق ويليامز Williams والسائق الإيطالي الصاعد كيمي أنتونيللي Kimi Antonelli من فريق مرسيدس، ما تسبب في انسحاب ساينز المبكر من السباق وفرض حالة السيارة الافتراضية للأمان Virtual Safety Car لفترة قصيرة.

وبعد مراجعة الحادث، قررت لجنة التحكيم أن ساينز يتحمل المسؤولية الأساسية عن التصادم، وفرضت عليه عقوبة التراجع خمس مراكز على شبكة انطلاق سباق جائزة المكسيك الكبرى Mexico City Grand Prix الذي سيقام الأسبوع المقبل.

الاستراتيجيات الحاسمة وقرارات الصيانة

توقّف لوكلير في اللفة 22 لتبديل الإطارات واعتمد على مجموعة جديدة من إطارات Medium، في حين قام فيرستابن بالتوقف بعده ببضع لفات، دون أن يفقد الصدارة ولو للحظة واحدة. أما نوريس، فقد استمر في الحلبة لفترة أطول بحوالي عشر لفات قبل أن يتوقف لتبديل إطاراته، ليعود إلى الحلبة خلف لوكلير مباشرة بفارق 2.4 ثانية.

مع تقدم اللفات، بدأ نوريس في تقليص الفارق مجددًا، وبفضل استراتيجيته في إدارة الإطارات، نجح في تجاوز لوكلير قبل خمس لفات من النهاية، فيما كان فيرستابن قد وسّع الفارق في الصدارة إلى أكثر من 15 ثانية، مهيمنًا بشكل كامل على مجريات السباق حتى النهاية.

أما هاميلتون، الذي لم يجد وتيرة كافية لمجاراة المتصدرين، فقد اكتفى بالمركز الرابع في سباق هادئ دون ضغوط من الخلف.

أداء باهت من بياستري وقلق في مكلارين

على الجانب الآخر، عاش أوسكار بياستري سباقًا صعبًا منذ البداية، إذ لم يتمكن من مجاراة سرعة زميله نوريس، وظل بعيدًا عن مراكز الصدارة طوال السباق. أنهى الأسترالي الشاب السباق في المركز الخامس بعد أن فشل في تجاوز لويس هاميلتون، واكتفى بالدفاع عن مركزه أمام جورج راسل George Russell من مرسيدس.

يُذكر أن فيرستابن حقق فوزًا مزدوجًا خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث انتصر أيضًا في سباق السبرينت الذي شهد اصطدامًا بين بياستري ونوريس في اللفة الأولى، وهو ما مكّن السائق الهولندي من تقليص الفارق الإجمالي في ترتيب السائقين بمقدار 23 نقطة خلال هذه الجولة فقط.

المراكز العشرة الأولى

في المراكز المتقدمة خلف الكبار، قدّم الياباني يوكي تسونودا Yuki Tsunoda أداءً رائعًا مع فريق ريد بُل ألفا تاوري Red Bull AlphaTauri، حيث انطلق من المركز الثالث عشر وتمكن من التقدم تدريجيًا إلى المركز السابع، مستفيدًا من الحادث المبكر ثم حافظ على مركزه حتى النهاية بأداء ثابت.

وفي بقية المراكز العشرة الأولى، جاء نيكو هولكنبرج Nico Hulkenberg من فريق ساوبر Sauber ثامنًا، بينما أحرز أوليفر بيرمان Oliver Bearman من هاس Haas المركز التاسع بعد أن نجا من انزلاق بسيط أثناء محاولته تجاوز تسونودا. وأكمل الإسباني المخضرم فيرناندو ألونسو Fernando Alonso من أستون مارتن Aston Martin قائمة المراكز العشرة الأولى.

تمديد عقد سباق أوستن حتى 2034

على هامش السباق، أعلنت إدارة فورمولا-1 رسميًا تمديد عقد سباق جائزة الولايات المتحدة الكبرى في أوستن Austin حتى عام 2034.

صراع ثلاثي على اللقب قبل سباق المكسيك

مع نهاية سباق أوستن، أصبح ماكس فيرستابن على بُعد 40 نقطة فقط من المتصدر الأسترالي أوسكار بياستري، بينما قلّص لاندو نوريس الفارق إلى 14 نقطة فقط، لتتحول البطولة إلى صراع ثلاثي بين السائقين الثلاثة مع تبقّي خمس جولات فقط في الموسم.

الأنظار الآن تتجه إلى الجولة المقبلة من جائزة المكسيك الكبرى Mexico City Grand Prix التي ستقام بين 24 و26 أكتوبر، حيث من المتوقع أن تشهد مواجهة نارية جديدة بين ريد بُل ومكلارين في سباق قد يكون نقطة التحول الكبرى في معركة اللقب العالمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى