شانجان تستعد لتقديم “سيارة الأحلام” ..ما القصة؟!
تدرس شانجان Changan الصينية، تطوير ما تصفه بـ سيارة الأحلام، في خطوة تهدف إلى حضور العلامة وبناء صورة ذهنية قوية في السوق الأوروبية، من خلال سيارة تحمل طابعًا عاطفيًا ورمزيًا يعكس فلسفة العلامة وقدراتها التصميمية والهندسية.
جذور تاريخية تعود إلى القرن التاسع عشر
تعود أصول شانجان Changan إلى ستينيات القرن التاسع عشر، حيث بدأت مسيرتها كشركة مدعومة من الدولة في مجال تصنيع الأسلحة. ومع تطور الصناعة الصينية، انتقلت الشركة في خمسينيات القرن الماضي إلى مجال السيارات، حيث قامت ببناء سيارات جيب Jeep بموجب ترخيص، ما شكّل نقطة تحول محورية في تاريخها الصناعي. وفي ثمانينيات القرن الماضي، بدأت شانجان في تطوير طرازاتها الخاصة. ومع دخول الألفية الجديدة، وضمن خطتها للتوسع العالمي، افتتحت الشركة مركز أبحاث وتطوير في المملكة المتحدة عام 2010، ليكون أحد أعمدة تطوير التصميم والهندسة الموجهة للأسواق العالمية، وخاصة الأوروبية.
كلاوس زيسورا ..تصميم السيارات كمساحة للحرية والحلم
في حديث له، استعرض مدير التصميم في شانجان Changan، المصمم الألماني كلاوس زيسورا Klaus Zyciora، فلسفته حول دور السيارات في حياة البشر، مؤكدًا أن السيارات ليست مجرد وسائل نقل، بل “آلات حرية وآلات أحلام” تعكس الطموح والانطلاق والرغبة في الاكتشاف. وأشار إلى أن الاحتفاء بهذا البعد العاطفي هو عنصر أساسي في أي مشروع تصميمي ناجح.
ويُعد زيسورا من أبرز الأسماء في عالم تصميم السيارات، إذ تولى خلال مسيرته في فولكس فاجن Volkswagen الإشراف على تطوير مجموعة من الطرازات الكهربائية الشهيرة، من بينها فولكس فاجن ID.3 وفولكس فاجن ID.4 وفولكس فاجن ID.5، بالإضافة إلى فولكس فاجن ID. Buzz التي أعادت إحياء روح الميكروباص الكلاسيكي برؤية كهربائية عصرية.

وعندما وُجه إليه سؤال مباشر حول ما إذا كانت شانجان تخطط لتطوير “سيارة أحلام” خاصة بها، جاء رده مختصرًا: “نعم ..انتظروا وسترون”.
مفهوم VIIA ..نواة محتملة للمشروع المرتقب
رغم تحفظه، أشار زيسورا إلى أن المشروع المستقبلي قد يستلهم ملامحه من السيارة الاختبارية VIIA التي كشفت عنها شانجان في عام 2023. وجاء هذا المفهوم على هيئة سيارة جراند تورر GT بثلاثة مقاعد، بتصميم انسيابي وسقف منخفض وخطوط حادة، ما جعلها أكثر طراز رياضي صريح تقدمه شانجان حتى الآن.
وبالنظر إلى أن دورة تطوير السيارات في الصناعة الصينية تتراوح عادة بين عامين وثلاثة أعوام، فإن تحويل هذا المفهوم إلى سيارة إنتاجية يتماشى زمنيًا مع الإيقاع السريع الذي تتميز به الشركات الصينية مقارنة بنظيراتها الأوروبية.
العلامات الفرعية الثلاث
تضم محفظة شانجان Changan ثلاث علامات فرعية رئيسية، هي أفاتار Avatr وديبال Deepal ونيفو Nevo. وفي هذا السياق، شدد زيسورا على أن ديبال Deepal تبرز باعتبارها العلامة الأكثر قدرة على جذب العملاء الأصغر سنًا، بفضل نهجها الذي يركز على الأداء والطابع الديناميكي. وأوضح أن هذه السمات تجعل ديبال مرشحة طبيعية لتكون الأساس الذي تُبنى عليه سيارة رياضية أو “سيارة أحلام” تُستخدم كأداة لتعزيز صورة العلامة وبناء هويتها.
حتى الآن، أطلقت ديبال Deepal خمسة طرازات على المستوى العالمي، تشمل S05 وS07 وS09، التي تنتمي لفئة السيارات الكروس أوفر، إلى جانب السيدان L07 التي تقدم رؤية أكثر انسيابية، وطراز G318 الذي يمثل سيارة دفع رباعي تقليدية بطابع قوي وكلاسيكي، ويختلف في شخصيته عن باقي الطرازات.
المستقبل… مجتمع عملاء ورؤية عالمية
يرى زيسورا أن المرحلة المقبلة ستحمل الكثير من الجديد، مشيرًا إلى أن شانجان تتطلع إلى بناء مجتمع واسع من العملاء المرتبطين بالعلامة، وليس مجرد قاعدة مستخدمين تقليدية. لكنه يؤكد في الوقت ذاته أن التحدي الحقيقي يكمن في تحقيق التوازن بين الجرأة التصميمية والقبول العالمي.
وأوضح أن الخط الفاصل بين التفرد والجاذبية من جهة، والغرابة غير المحببة من جهة أخرى، خط دقيق للغاية. فالتصميم، في رأيه، يجب أن يستند في النهاية إلى النِسَب المتقنة والعناصر الجمالية التي تُعد جميلة وقيمة في نظر المستهلكين، لأن الالتزام بهذه القاعدة يقلل من المخاطر المرتبطة بطرح تصاميم جريئة.
كسر القواعد
وأشار زيسورا إلى أن الرغبة في كسر جميع القواعد والخروج الكامل عن المألوف قد تكون تعبيرًا عن شجاعة كبيرة، وقد تؤدي أحيانًا إلى ابتكار منتج استثنائي. لكنه حذر في الوقت نفسه من أن هذا النهج ينطوي على مخاطر أعلى، وهو أمر شهدته صناعة السيارات مرارًا وتكرارًا عبر نماذج لم تحقق النجاح المتوقع.
“سيارة الأحلام” مسؤولية تصميمية
وفي ختام حديثه عن مفهوم “سيارات الأحلام”، شدد زيسورا على أن لحظات اتخاذ القرار داخل المجموعات الصناعية الكبرى تُعد لحظات حاسمة، وتتطلب من المصمم وعيًا عميقًا بالمسؤولية. فالتصميم، من وجهة نظره، لا يجب أن يقود الشركة إلى مسار خاطئ أو حالة من الارتباك الاستراتيجي، بل ينبغي أن يكون أداة لبناء المستقبل وتعزيز الثقة، لا مغامرة غير محسوبة العواقب.









