شهدت أسواق الأسهم العالمية تراجعًا حادًا في أسعار أسهم شركات السيارات، بعد أن أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التلويح بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات القادمة من المكسيك وكندا والصين. هذا القرار يهدد باضطراب سلاسل الإمداد العالمية، مما ينعكس سلبًا على شركات صناعة السيارات ومكوناتها التي تعتمد بشكل كبير على المصانع المكسيكية والكندية في تغذية السوق الأمريكية.
تداعيات فورية في الأسواق العالمية
انعكست التهديدات الأمريكية فورًا على أداء أسهم شركات السيارات في آسيا وأوروبا وأمريكا، حيث شهدت كبرى الشركات العالمية خسائر كبيرة خلال تعاملات الأسبوع الجاري:
في بورصة طوكيو، تراجعت أسهم تويوتا موتور Toyota Motor بنسبة 5%، بينما هبط سهم نيسان موتور Nissan Motor بنسبة 10% قبل أن يقلص خسائره مع نهاية الجلسة.
في أوروبا، انخفض سهم فولكس فاجن Volkswagen بنسبة 6.7%، بينما خسرت ستيلانتس Stellantis، ثاني أكبر شركة سيارات أوروبية، نحو 7% من قيمتها السوقية.
شركات السيارات الفاخرة الألمانية تأثرت بشكل واضح، حيث تراجع سهم BMW بنسبة 6.5%، بينما فقدت مرسيدس-بنز جروب Mercedes-Benz Group نحو 5.3% من قيمتها السوقية.
في قطاع مكونات السيارات، تكبدت الشركات الفرنسية خسائر كبيرة، حيث تراجع سهم فاليو Valeo بنسبة 9%، بينما هبط سهم فوريفا Forvia بنسبة 13%، ليكونا الأكثر تضررًا في هذا القطاع.
الرسوم الأمريكية وتأثيرها على سلاسل الإمداد
كانت الولايات المتحدة تعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على وارداتها من المكسيك وكندا اعتبارًا من اليوم، قبل أن يعلن الرئيس ترامب عن تأجيل القرار لمدة شهر، بعد محادثة هاتفية مع نظيرته المكسيكية كلوديا شينباوم Claudia Sheinbaum.
تعتبر المكسيك واحدة من أهم مراكز الإنتاج لشركات السيارات العالمية، حيث تدير الشركات الألمانية وحدها أكثر من 330 موقعًا لصناعة المكونات هناك، إلى جانب مصانع تجميع رئيسية لعمالقة الصناعة مثل فولكس فاجن، بي إم دبليو، ومرسيدس-بنز.
يتوقع الخبراء أن فرض هذه الرسوم قد يؤدي إلى اضطراب كبير في سلاسل الإمداد التي استقرت لعقود، مما قد يتسبب في ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض تنافسية الشركات، خصوصًا أن هذه المصانع تم إنشاؤها خصيصًا لتزويد السوق الأمريكية.
انعكاسات على الصناعة العالمية ..السيارات الكهربائية في قلب العاصفة
تأتي هذه الأزمة في وقت حرج لصناعة السيارات العالمية، التي تعاني بالفعل من تباطؤ الطلب في الأسواق الكبرى، خصوصًا على السيارات الكهربائية، في ظل المنافسة الشرسة من الشركات الصينية.
خلال عام 2023، صدرت فولكس فاجن أكثر من 500 ألف سيارة من المكسيك إلى الولايات المتحدة، بينما أرسلت BMW نحو 95 ألف و 151 سيارة. أي اضطراب في هذه العمليات قد يؤدي إلى نقص في المعروض، وارتفاع في الأسعار، وانخفاض القدرة التنافسية للشركات الأوروبية واليابانية أمام المنافسين الأمريكيين والصينيين.
هل تستمر الخسائر؟ المستقبل مرهون بالقرارات السياسية
يشير المحللون إلى أن هذه التهديدات الجمركية قد تكون جزءًا من استراتيجية تفاوضية من إدارة ترامب، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية. لكن في حال تنفيذها، فإن التداعيات ستكون كارثية على صناعة السيارات، ليس فقط في أمريكا الشمالية، بل على الصعيد العالمي.
حتى الآن، تبقى الأسواق في حالة ترقب حذر، حيث ينتظر المستثمرون أي تطورات سياسية قد تحدد مصير هذه الرسوم، وسط مخاوف متزايدة من تفاقم الأزمة الاقتصادية في قطاع السيارات، الذي يشهد بالفعل تحديات غير مسبوقة.