جنرال موتورز تكشف عن تكنولوجيا تجعل السيارات أكثر ذكاءً

تستعد شركة جنرال موتورز General Motors للدخول في مرحلة جديدة من تاريخها الصناعي مع إطلاق ما تصفه بأنه “السيارة المستقبلية”، وهي رؤية تقنية تعتمد على منصة إلكترونية وبرمجية موحدة قادرة على تشغيل السيارات الكهربائية والمزودة بمحركات البنزين في نفس الوقت. وتستند هذه المنصة الجديدة إلى ما تسميه الشركة “الهندسة الحاسوبية المركزية” Centralized Compute Architecture، التي طبقت لأول مرة على طراز كاديلاك إسكاليد Cadillac Escalade IQ في عام 2028، قبل أن يتم تطبيقها تدريجيًا على جميع طرازات الشركة حول العالم.

هندسة جديدة موحدة

كشف ديفيد ريتشاردسون David Richardson، النائب الأول لرئيس قسم هندسة البرمجيات والخدمات في جنرال موتورز، خلال فعالية GM Forward التقنية التي أقيمت في نيويورك، عن تفاصيل المنصة الجديدة قائلًا: “ابتداءً من عام 2028، سنُطلق نظام الحوسبة المركزي الجديد لدينا مع طراز كاديلاك إسكاليد IQ، وهو نظام محايد من حيث منظومة الدفع، بمعنى أنه يمكن تطبيقه على السيارات الكهربائية وسيارات البنزين على حد سواء، والفوائد التي سيحققها ضخمة للغاية”.

ويهدف هذا النظام إلى توحيد البنية الإلكترونية لجميع سيارات الشركة – من سيارات البنزين الصغيرة المخصصة لأسواق أمريكا اللاتينية إلى سيارات SUV الكهربائية الفاخرة من كاديلاك  Cadillac  – عبر منصة إلكترونية واحدة تُدار من خلال برمجيات موحدة قابلة للتحديث المستمر عبر الإنترنت.

من الفوضى التقنية إلى البنية المركزية

لفهم أهمية هذا التطور، أوضح مهندسو جنرال موتورز  GM أن معظم السيارات الحديثة اليوم ما تزال تُبنى اعتمادًا على ما يُعرف بـ”الهندسة القائمة على المجالات” Domain-Based Architecture؛ وهي طريقة تعتمد على أنظمة إلكترونية منفصلة تعمل بشكل مستقل مثل وحدات التحكم في المكابح، والتكييف، والملاحة، والوسائط، وكل منها من تصميم مورد مختلف، وغالبًا ببرمجيات متباينة يصعب دمجها.

أما النظام الجديد الذي تتبناه جنرال موتورز فيعتمد على ما يُعرف بـ”الهندسة المناطقية” Zonal Architecture التي بدأت مع شركات مثل تسلا  Tesla  وريفيان  Rivian  وبعض الشركات الصينية، حيث تُقسّم السيارة إلى “مناطق” مترابطة تتحكم بها مجموعة محدودة من الحواسيب المركزية.

ويعمل النظام الجديد على تقليص عدد الوحدات الإلكترونية بشكل كبير؛ إذ ستتم إدارة وظائف 12 وحدة تقليدية عبر كمبيوتر مركزي واحد مزوّد بتبريد سائل، بينما يتولى جهاز آخر إدارة الاتصالات اللاسلكية مثل Bluetooth وWi-Fi و5G، في حين تتكفل ثلاث وحدات تجميع  Aggregators  بنقل إشارات مئات المستشعرات إلى الكمبيوتر الرئيسي.

نهاية صناديق الفيوزات التقليدية وبداية الحوسبة الكاملة للسيارة

قال غاري سيغان  Gary Cygan، مدير قسم هندسة المنصات في جنرال موتورز، إن هذه التقنية تعني بداية نهاية صناديق الفيوزات التقليدية في السيارات، حيث ستتولى وحدات التجميع الجديدة أداء هذه الوظائف بالكامل. وأضاف أن النظام سيتيح إضافة المزايا والوظائف الجديدة بسرعة أكبر من أي وقت مضى عبر تحديثات برمجية فورية.

وأوضح سيغان أن هذه البنية الجديدة ستُقلل من تكاليف الإنتاج والتعقيد الفني، إذ إنها تستبدل عشرات المكونات المنفصلة بوحدات حاسوبية محدودة وأكثر تطورًا. وقال: “إذا طبقنا نفس القدرات الحالية على هذا النظام الجديد فسيكون أقل تكلفة من حيث المواد، لكننا نضيف قدرات أكبر، ومعالجات أسرع، واتصالًا أوسع، وتحكمًا أكثر ذكاءً في دوائر السيارة”.

تحديات التبريد والتكامل بين أنظمة البنزين والكهرباء

أشار سيغان إلى أن أحد التحديات التقنية التي تواجه الفريق هو كيفية تبريد الكمبيوتر المركزي في السيارات المزودة بمحركات الاحتراق الداخلي مقارنة بالسيارات الكهربائية. ففي حين يمكن استخدام نظام تبريد البطارية في السيارات الكهربائية لتبريد الكمبيوتر المركزي، فإن أنظمة التبريد في سيارات البنزين تعمل بدرجات حرارة أعلى، مما يجعل دمج النظام أكثر تعقيدًا.

وأكد أن هذه المنصة الجديدة لن تقتصر على النماذج المستقبلية فقط، بل يمكن تطبيقها تدريجيًا على الطرازات الحالية دون الحاجة إلى إعادة تصميم السيارة بالكامل، ما يعني أن التطوير البرمجي سيصل إلى سيارات موجودة بالفعل في السوق.

برمجيات أذكى وسيارات أكثر تفاعلية

تهدف جنرال موتورز  General Motors  إلى جعل سياراتها أكثر ذكاءً واتصالًا، حيث سيسمح النظام الجديد بتقديم عشرة أضعاف عدد التحديثات البرمجية مقارنة بالأنظمة السابقة. وأوضح ريتشاردسون أن هذا التطور سيمكّن السيارات من التفاعل اللحظي مع محيطها، قائلًا: “سيعني ذلك أن أنظمة القيادة الذاتية ستستجيب في خلال أجزاء من الألف من الثانية، مع شبكة اتصالات داخلية أسرع بألف مرة من قبل، قادرة على تشغيل خدمات ترفيهية متقدمة ومعالجة مهام الذكاء الاصطناعي المستقبلية”.

وأضاف أن هذه البنية الموحّدة ستُسهم في خفض التكاليف التشغيلية للشركة على المدى الطويل عبر توحيد البرمجيات والبنية التحتية الإلكترونية في جميع السيارات، مما يسهل تطوير المزايا الجديدة وصيانتها.             

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى