تشهد صناعة السيارات الكهربائية في الوقت الراهن تحولًا تقنيًا جديدًا مع اقتراب دخول – العجلة الذكية – محركات العجلات In-Wheel Motors إلى مرحلة التطبيق التجاري الفعلي، بعد سنوات من التطوير والتجارب. هذه التقنية بدأت بالظهور فعلًا على أرض الواقع، وأحد أبرز الأمثلة على ذلك دراجة فيرج Verge TS الكهربائية، التي تُلفت الأنظار بتصميمها المبتكر الخالي تمامًا من محور مركزي أو عمود دوران تقليدي.
شركة فيرج Verge Motorcycles الفنلندية، والتي تُعد جزءًا من مجموعة دونات لاب Donut Lab المتخصصة في تطوير المحركات الدائرية على شكل “دونات”.
قلب هندسي للعالم الميكانيكي
تعتمد الفكرة الأساسية لمحركات العجلات على إعادة ترتيب مكونات المحرك الكهربائي التقليدي بطريقة معكوسة. ففي المحركات المعتادة، يكون الجزء المتحرك “Rotor” في الداخل، وتخرج الحركة من خلال عمود دوران مركزي، فيما يكون الجزء الثابت “Stator” مثبتًا في الهيكل الخارجي.
أما في محركات العجلات، فإن “Rotor” يكون مثبتًا على محيط العجلة الخارجي، ويدور مباشرة مع الإطار، بينما يظل “Stator” ثابتًا على نظام التعليق. هذه البنية المقلوبة تُلغي الحاجة إلى التروس المخفضة وصندوق السرعات، بفضل العزم الهائل الناتج عن قطر الدوران الكبير.
فوائد ميكانيكية هائلة
بفضل هذا التصميم، يتم الاستغناء عن التروس، وأعمدة نقل الحركة، والتعقيدات المرتبطة بها، مما يقلل من الوزن والاحتكاك ويُبسط نظام الدفع بالكامل. في السيارات الكهربائية ذات الدفع الخلفي، يمكن تزويد كل عجلة خلفية بمحرك مستقل مع نظام تحكم منفصل في العزم، ما يتيح إمكانيات مذهلة في التوجيه النشط للعزم Torque Vectoring ووضعيات الانزلاق الرياضي Drift Modes.
ولعل واحدة من أبرز المزايا المصاحبة لهذا التوجه، تكمن في إعادة توزيع المكونات داخل السيارة. فالتخلص من المحرك الوسطي وصندوق التروس وأعمدة نقل الحركة، يفسح المجال أمام تصميم داخلي أكثر رحابة، مع إمكانية توسيع حجرة البطاريات أو توفير مساحات أكبر للأمتعة أو مناطق امتصاص الصدمات، وهو ما يمهّد الطريق لتصاميم سيارات أكثر مرونة، وأقصر في الامتداد، وأكفأ في استغلال المساحة.
الاعتراض التقليدي ..لكن النتائج ثوريه
لطالما كان الاعتراض الأساسي على محركات العجلات هو زيادة الكتلة غير المعلقة، خصوصًا أن إضافة كتلة إلى العجلات تُؤثر سلبًا على جودة الركوب والتوجيه والتماسك الديناميكي. لكن الدراسات الحديثة، بما في ذلك تجربة عملية أجرتها شركة لوتس الهندسية – Lotus Engineering منذ أكثر من عقد باستخدام محركات بروتيان – Protean على سيارة فورد فوكس – Ford Focus MkII، أظهرت أن تأثير هذه الكتلة يمكن تعويضه بسهولة من خلال معايرة نظام التعليق.
في التجربة، أضيف 15 كجم من الكتلة الدوارة وغير الدوارة لكل زاوية من زوايا السيارة، وبالرغم من تسجيل تراجع في الأداء الديناميكي، إلا أن النتائج كانت قابلة للتحسين عبر ضبط التعليق بشكل تقليدي دون الحاجة إلى تغييرات جوهرية.
والأهم من ذلك، أن معظم السيارات الكهربائية الحديثة ذات دفع خلفي، ما يعني أن العجلات الأمامية ونظام توجيهها يظلان دون تغيير، مما يُقلل من أثر هذه الكتلة المضافة على الشعور بالتوجيه واستجابة السيارة.
تحديات الانتشار
ورغم ما تُمثله هذه التقنية من نقلة نوعية، إلا أن انتشارها الواسع ما زال يواجه عقبة استثمارية، إذ أن معظم شركات السيارات العالمية الكبرى مثل فولكس فاجن Volkswagen وهيونداي Hyundai وجنرال موتورز General Motors استثمرت مليارات الدولارات في تطوير منصات كهربائية تعتمد على محركات مركزية.
لكن فكرة محركات العجلات ليست جديدة كليًا، فقد استخدمت لأول مرة منذ أكثر من 120 عامًا في سيارة لورنر بورشه Lohner Porsche الهجينة التي طوّرها المهندس فرديناند بورشه Ferdinand Porsche عام 1901.