أعلنت مجموعة ستيلانتيس Stellantis العالمية، المالكة للعديد من أبرز علامات السيارات، أنها تعمل على وضع خطة إنقاذ عاجلة لإنعاش علامة مازيراتي Maserati الإيطالية الفاخرة، وذلك عقب الانخفاض الحاد الذي شهدته مبيعاتها خلال العام الماضي، حيث تراجعت بنسبة 57% لتصل إلى 11 ألف و 300 سيارة فقط على مستوى العالم، وهو ما وصفته تقارير الصناعة بأسوأ أداء لمازيراتي منذ عقود.
وبالرغم من الشائعات التي انتشرت مؤخرًا حول نية ستيلانتيس بيع العلامة الإيطالية العريقة، أو حتى إغلاقها بشكل نهائي، فقد نفت المجموعة رسميًا هذه الأنباء، مؤكدة التزامها الكامل بالحفاظ على مازيراتي، التي تُعد واحدة من أقدم وأعرق علامات السيارات الفاخرة في العالم، والمُرتبطة بمدينة مودينا Modena، معقل صناعة السيارات الإيطالية الرياضية الفاخرة.
تعاون تاريخي بين ألفا روميو ومازيراتي تحت مظلة ستيلانتيس
وفي إطار هذه الخطة، أعلنت ستيلانتيس أن علامة ألفا روميو Alfa Romeo، التي تُواجه بدورها تحديات كبيرة في الأسواق العالمية، ستتعاون مع مازيراتي ضمن خطة هيكلة شاملة تهدف إلى دعم العلامتين من الداخل، مع تركيز خاص على تطوير الطرازات الجديدة وخفض التكاليف عبر استغلال الموارد المشتركة بين الشركتين.
سانتو فيليتشي Santo Filicì، الرئيس التنفيذي لكل من ألفا روميو Alfa Romeo ومازيراتي Maserati، أكد في تصريحات صحفية، أن هناك خطة متكاملة جاهزة تم إعدادها، لكنها لا تزال بحاجة إلى الموافقة النهائية من الإدارة العليا الجديدة لمجموعة ستيلانتيس، بقيادة الرئيس التنفيذي أنطونيو فيلوزا Antonio Filosa.
ومن المقرر أن يجتمع فيلوزا مع ممثلي العلامتين الإيطاليتين يوم 23 يونيو الجاري لوضع اللمسات النهائية على تفاصيل هذه الخطة، التي وصفتها وسائل الإعلام الإيطالية بأنها “محاولة أخيرة لإنقاذ مازيراتي من الانهيار الكامل”.
لا دمج بين العلامتين
وأوضح فيليتشي أن خطة التعاون بين ألفا روميو ومازيراتي لا تشمل دمج العلامتين تحت كيان واحد، بل تعتمد على تطوير مشترك للسيارات الجديدة، مع الحفاظ الكامل على الهوية المستقلة لكل علامة ضمن مجموعة ستيلانتيس.
وأضاف قائلاً: “الفارق واضح في استراتيجية المجموعة، ألفا روميو تُصنف ضمن الفئة الممتازة Premium، بينما مازيراتي تُجسد مفهوم الترف Luxury بمعاييره الإيطالية الأصيلة، لذلك لا مجال لدمج العلامتين، لكننا سنعمل معًا للبحث عن أوجه التلاقي وتحقيق وفورات من خلال استغلال الموارد المشتركة حيثما أمكن”.
وكشف فيليتشي أن التعاون سيشمل عدة جوانب رئيسية أبرزها تطوير السيارات الجديدة، هيكلة الشبكات التجارية، تحسين تنظيم العمل داخل المصانع الإيطالية، بالإضافة إلى إعادة تقييم البنية التحتية لشبكات الموزعين على مستوى العالم.
وقال: “بطبيعة الحال، تطوير السيارات يُعد أحد أعمدة هذه الخطة التي نحن بصدد إغلاقها، لكننا سنتطرق أيضًا لبنية الشركات الداخلية، شبكة الوكلاء والموزعين، ومستقبل مصانعنا هنا في إيطاليا. هناك الكثير من العمل الشاق ينتظرنا، ونحن عازمون على إتمام هذه الخطة”.
ضعف التسويق أبرز أسباب تراجع مازيراتي
وحول الأسباب التي أدت إلى تدهور أوضاع مازيراتي، أشار الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة ستيلانتيس، كارلوس تافاريس Carlos Tavares، إلى أن المشكلة الرئيسية لا تتعلق بجودة المنتجات ذاتها، بل بسوء التسويق، وفشل العلامة في ترسيخ مكانتها بوضوح في سوق السيارات الفاخرة، خاصة في ظل المنافسة الشرسة من علامات مثل بورشه Porsche ومرسيدس Mercedes و BMW.
وتجلت أبرز مظاهر التخبط داخل مازيراتي مؤخرًا في إلغاء مشروع إنتاج النسخة الكهربائية بالكامل من طراز MC20 الرياضي، بعدما تبين أن العملاء المستهدفين في فئة السيارات الفاخرة الرياضية لا يزالون يفضلون محركات الاحتراق الداخلي التقليدية، وهو ما دفع العلامة لإعادة النظر في استراتيجيتها الكهربائية.
إلى جانب ذلك، تأجل طرح الجيل الجديد من طراز كواتروبورتيه Quattroporte، الذي كان من المقرر أن يحل محل كل من كواتروبورتيه وجيبلي Ghibli، حتى عام 2028، في خطوة تعكس حجم التحديات التي تُواجهها مازيراتي في تطوير منتجاتها الجديدة وضبط استراتيجيتها المستقبلية.
تحديات إضافية تُواجه ألفا روميو.. وتأخير في طرازات ستلفيو وجوليا الجديدة
أما ألفا روميو، التي ستلعب دورًا محوريًا في خطة إنقاذ مازيراتي، فهي تُعاني بدورها من تأخير في إطلاق الجيل الجديد من طراز ستلفيو Stelvio وجوليا Giulia، وهما الطرازان الأساسيان في تشكيلة العلامة الإيطالية.
وكانت الخطة الأصلية تقتضي تقديم الطرازين الجديدين كموديلات كهربائية بالكامل، تماشيًا مع توجهات الصناعة العالمية نحو التنقل النظيف، إلا أن الطلب غير المتوقع على السيارات المزودة بمحركات الاحتراق الداخلي دفع الشركة لتعديل خطتها، حيث ستقدم الطرازين بخيارات كهربائية وأخرى تقليدية تعتمد على محركات الوقود، وهو ما تطلب المزيد من العمل الهندسي وتأجيل مواعيد الإطلاق.
وبهذه الخطوة، تنضم ألفا روميو إلى قائمة طويلة من شركات السيارات التي بدأت تتراجع عن خطط التحول الكامل إلى السيارات الكهربائية، في ظل تباطؤ الطلب العالمي، وتفضيل شريحة واسعة من العملاء لمحركات الوقود التقليدية، خاصة في الأسواق ذات الطابع الرياضي أو الفاخر.
المستقبل مرهون بخطة ستيلانتيس الجديدة.. وإيطاليا في قلب معركة الإنقاذ
ويرى خبراء الصناعة أن نجاح خطة التعاون بين ألفا روميو ومازيراتي سيُحدد بشكل كبير مستقبل العلامتين داخل مجموعة ستيلانتيس، خاصة مع تصاعد الضغوط على الشركة الأم لتحسين أرباحها، وخفض الخسائر المرتبطة بالعلامات التي تُعاني من ضعف الأداء التجاري.
وفي الوقت ذاته، تُواجه ستيلانتيس انتقادات واسعة داخل إيطاليا بسبب مخاوف من تقليص دور المصانع الإيطالية، في ظل توجه المجموعة لتعزيز الإنتاج في مناطق أخرى ذات تكاليف أقل، ما يُضيف بعدًا سياسيًا حساسًا لخطة إنقاذ مازيراتي وألفا روميو، باعتبارهما جزءًا من الهوية الصناعية والتاريخية لإيطاليا.
ومن المتوقع الإعلان عن تفاصيل الخطة النهائية خلال الشهر الجاري.